قراءة نقدية في نص الشاعرة:"راما عبداللطيف"عنوان النص(إن وصديقها سان)بقلم الأديبة : ديمه العاشور

في قراءة نقدية لنص الشاعرة : راما عبد اللطيف

عنوان النص /إن وصديقها سان /

بقلمي الأديبة : ديمه أسامة العاشور


_موجة جديدة من النظم والإبداع الشعري، نسجت عبرها الشاعرة (رآما عبداللطيف) روائع شعرية تغري القارئ بنكهة إبداعية خاصة. فقد اتخذ لديها تجديد الشعر العربي منحى لا يقف عند مجرد اللجوء إلى هندسة مغايرة في توزيع الأسطر الشعرية والتفعيلات والوقفات العروضية والدلالية حيث انفتحت على مستوى آخر, انتقلت فيه إلى شعر الرؤية وإلى النبش في عوالم إنسانية.

وهي بذلك اختصرت كل العناصر المنتجة لدلالة القصيدة الجديدة.

( إن وصديقها سان ) نص من الطراز الروحي  جمع بين الرؤية الجوهرية والمنطق الواقعي 

فهل كانت راما تعي تفكيكها كلمة إنسان وهل كانت متعمدة وقاصدة

أم أن الروح الفطرية المتوارثة لديها الدور في إطلاق عنان القلم ليسرح مابين الخيال والمنطق.

_ /إن/ وهي حرف توكيد من الحروف المشبه بالفعل

_وسان وهو إسم من فعل /سنا/ بما معنى ارتقى أو ارتفع,

وقد استخدم في الكثير من اللغات  والعديد من مسميات المدن الغربية

فهل كانت /راما عبداللطيف/ تربط 

فعل التوكيد بالسنو,

أم أنها بمنطق الرؤية تستوحي حركية التاريخ الإنساني؟!!!...

ففي مطلع نصها ( إن وصديقها سان ) قالت:


منذُ أنْ رغرغَتْ عيونُ الوردِ بدمعاتِ النَّدى

مسـحَ سـانْ     غمامةَ النـَّومِ مِـنْ فــوقِ عينيـهِ

ونهضَ لمُعاركـةِ الحياةِ 

نهضَ لمُناصَرةِ الحياة 

وملأَ صدرَهُ هواءً 

أُثـقِلـَتْ نُسيماتُهُ بالأسرارِ 

حتـَّى نسيَتْ أحلامَ العواصف


_ إن وجود الإنسان يرتبط ارتباطا جدليا بمسألة «الصراع» وما يرافقه من حركة وتناقض أو توازن,

فمنذ اللحظة الأولى لخلق آدم يجابه الإنسان بقوة الشر المقابلة 

وهذه المقابلة تقوم بتحديد مسارية واتباعية الإنسان.

/الخير أوالشر أو الحق والباطل/

إن هذا التدافع والصراع المركوز فى جبلة بنى آدم يقود إلى تحريك الحياة نحو الأحسن وتخطي مواقع الركود والسكون والفساد, ومنح القدرة للقوى الإنسانية.

لذى انتقلت بنا "راما" نحو التساؤل المجزوم لفعل التوكيد بلهجة خطابية

إرشادية قائمة بين طرفين يشتركان في رسم الأهداف, وتحديد المشكلة

بذكاء شعري وكفاية وبصيرة, حيث قالت :


(علينا فِعـلُ شيءٍ ) قالَ "سانُ"لِ"إنْ"

فأنوارُ مَصابيحِ الفجرِ تَهدِرُ مِـنْ بعـيد

والسِّلالُ خاويةٌ 

والدُّروبُ مُـوحِشةٌ 

والعُمرُ كمشوارِ دمعةٍ على الخَدِّ

قصيرٌ ومُنسَكب 

ماذا ترغبينَ أنْ تكوني ؟

كفراشةٍ أو كطيرِ بحر 

كأرزةٍ أو كزهرةِ شوك 

فـبأيدينا نكون 

بارتشافِ الحلوِ مِن ضَرعِ المرارات


هنا يتميز السلوك الإنساني بثباته, وتشابهه في مختلف الأزمان, ومراحل النمو,مفعماً بحضور مكثف للرموز والأساطير التي تجعل النص الشعري منفتحاً على أعماق الذات الإنسانية، سواء في أبعادها الفردية الخاصة بالشاعرة, أو في أبعاده الجماعية التي تشكل فضاءات مشتركة للإنسانية بصورة أشمل, مع ما يتولد عن ذلك كله من تجليات جمالية ووجدانية وثقافية.

فالتشابيه والتصاريح الرمزية تعطي لوناً وحركة في رمزيتها الفلسفية التأملية.

 (كفراشة أو گ طير بحر

گ أرزة أو گزهرة شوك)


تبدو "راما عبد اللطيف" في تأملاتها الوجودية، وكأنها تريد التحليق في الآفاق التي حلق فيها الشاعر الكبير أبو العلاء المعري, والشاعر الكبير عمر الخيام في البعد الأنطولوجي (الوجودي) .

والبعد الابستمولوجي (المعرفي) 

فإن الأنطولوجيا الكينونية لا تقصر المحدود على الإنسانية , ولكنها تمتد إلى جميع الأشياء كقيود متأصلة في العلائقية حين قالت:


وإذا ما قطـَّبَ الغضبُ جبينَكِ

وسرقَ بريقَ العطاءِ مِنْ مَبسمِكِ 

لا تـُبعِـدي يدَكِ عن يدي 

فمعاً نستشفُّ روعةَ الصَّوابِ 

لأنَّ الصَّوابَ يأبى إلّا أن يكونَ كالشـَّمس 

لا يُحتكَر 


فإنها تنأى بنفسها عن الأشياء الأخرى ،

و أن الأشياء توجد بشكل مستقل عن الإدراك البشري , وأن العلاقات  البشرية الغير روحية تشوه الأشياء ذات الصلة بنفس الطريقة الأساسية مثل الوعي البشري,

فالعلاقات الإدراكية والحسية

موجودة على أساس وجودي متساوٍ مع بعضها البعض.


_إن الأحرار والساعين إلى حياة حرة ونظيفة نجدهم إنسانيين في أمنياتهم وأمانيهم وأحلامهم حيث /راما عبداللطيف/قالت:


وأمنيتي قبلَ أنْ تسافرَ الحياةُ منـَّا

لو تلتصقَ حروفي باسمِكِ لنغدوَ إنسان

إنسان يُـشغَفُ بالجمالِ مِـنْ حولِهِ

بصوتِ الرِّيح 

بلونِ الورد 

بفرحٍ يبتدعُهُ 

بكلمةٍ .. بعملٍ يَجهدُ لرُقيِّهـِما

فيرتَقي بهمـا 


_ ربما أمنيات الإنسان وتمنياته وأمانيه هي تمثلاته الذاتية في نزعته الطبيعية نحو تعلقه الدائم بالحلم والأمل

ولكنه في النهاية يسعى إلى أن يؤسس لطريقة ما , قد تبدو من الناحية النظرية تختال في المستحيل , ولكنها الطريقة التي تبقى مرافقة للإنسان في أعماقه , تبعثه من جديد ممتلئاً بالضوء والتوهج , وتدفعه للبقاء على قيد الحياة إنساناً.


تنهي /راماعبداللطيف/ نصها بلوحة مقطوفة من ربيع الخيال الأدبي والأساطير العريقة تعبر عن ارتباط الأرض بالإنسانية فالفلاح هو حارس الأرض, فتياته السنابل ,تتراقص انتماء

تبعث الدفء وتمنح الأمان 


ومِنَ الآن .. أخالُ أيـَّامَهُ 

وقد أمسَتْ بعـدَ عشراتِ السـِّنينِ

قصةً دافـئةٍ عـلى لسانِ فلّاحٍ قديم

يسْـرِدُها لفـتاةٍ تحبُّ الفرحَ لترقصَ

لتعمَلَ

لتـُضيءَ ظلمةَ صـقيعِ ليلةٍ ريفيّة


_ في توجيه السؤال للشاعرة "راما عبد اللطيف" حول تفكيك كلمة إنسان

قالت ببراءة طفلة حالمة وببصيرتها النافذة :

( أنا لم أبحث في المعاجم ولكني وجدت الإنسانية مفككة مشتتة 

فناديت لجمعها على طاولة السلام).


_هنا نجد أن الشعر ليس مجرد نظم أو محاكاة للنماذج القديمة, كما كان الأمر عند شعراء البعث والإحياء, بل هو تعبير خاص مرتبط برؤيه الشاعر, تلك الرؤية التي لا يستند فيها المبدع إلى الحقائق المتعارف عليها والمتداولة بين الناس, ويقرأ من زاويتها قضايا عصره, محققا بذلك وشائج بين التاريخ العام وما تمتلئ به مخيلته من طاقات وقدرات على الخلق المتجدد لعالمه.


في قرائتي لنص ( إن وصديقها سام )للشاعرة"راما عبداللطيف".


- إنزياحات تركيبية مع ما يترتب على ذلك من خروج عن المألوف وتطوير للمعجم الشعري, من ثم, انبثقت أشكال جديدة من التراكيب والصور والعبارات والمعاني التي استخرج بها شعر الرؤية كل الإمكانات والطاقات المتجددة والكامنة في اللغة

من حيث الصورة الشعرية 

تتجسد عبر اللغة والعاطفة والخيال 

وفي المستوى الحسي المباشر ,

تبين في المستويات اللغوية خاصة النحوية, وطرق الترميز الشعري المعتمد على القناع والأمثولة الكلية وأنواع الصور وأنساق تشكيلاتها, تتضافر كل تلك العوامل لتكوين منظور متماسك في النص, مما يجعل الرؤية هي العنصر المهيمن على جميع إجراءاتها التعبيرية والموجهة لاستراتيجياتها الدلالية.


بقلمي الأديبة : ديمه أسامة العاشور


إنْ وصديقـُها سـانْ


منذُ أنْ رغرغَتْ عيونُ الوردِ بدمعاتِ النَّدى

مسـحَ سـانْ     غمامةَ النـَّومِ مِـنْ فــوقِ عينيـهِ

ونهضَ لمُعاركـةِ الحياةِ 

نهضَ لمُناصَرةِ الحياة 

وملأَ صدرَهُ هواءً 

أُثـقِلـَتْ نُسيماتُهُ بالأسرارِ 

حتـَّى نسيَتْ أحلامَ العواصف

(علينا فِعـلُ شيءٍ ) قالَ "سانُ"لِ"إنْ"

فأنوارُ مَصابيحِ الفجرِ تَهدِرُ مِـنْ بعـيد

والسِّلالُ خاويةٌ 

والدُّروبُ مُـوحِشةٌ 

والعُمرُ كمشوارِ دمعةٍ على الخَدِّ

قصيرٌ ومُنسَكب 

ماذا ترغبينَ أنْ تكوني ؟

كفراشةٍ أو كطيرِ بحر 

كأرزةٍ أو كزهرةِ شوك 

فـبأيدينا نكون 

بارتشافِ الحلوِ مِن ضَرعِ المرارات

وإذا ما قطـَّبَ الغضبُ جبينَكِ

وسرقَ بريقَ العطاءِ مِنْ مَبسمِكِ 

لا تـُبعِـدي يدَكِ عن يدي 

فمعاً نستشفُّ روعةَ الصَّوابِ 

لأنَّ الصَّوابَ يأبى إلّا أن يكونَ كالشـَّمس 

لا يُحتكَر 

وأمنيتي قبلَ أنْ تسافرَ الحياةُ منـَّا

لو تلتصقَ حروفي باسمِكِ لنغدوَ إنسان

إنسان يُـشغَفُ بالجمالِ مِـنْ حولِهِ

بصوتِ الرِّيح 

بلونِ الورد 

بفرحٍ يبتدعُهُ 

بكلمةٍ .. بعملٍ يَجهدُ لرُقيِّهـِما

فيرتَقي بهمـا 

ومِنَ الآن .. أخالُ أيـَّامَهُ 

وقد أمسَتْ بعـدَ عشراتِ السـِّنينِ

قصةً دافـئةٍ عـلى لسانِ فلّاحٍ قديم

يسْـرِدُها لفـتاةٍ تحبُّ الفرحَ لترقصَ

لتعمَلَ

لتـُضيءَ ظلمةَ صـقيعِ ليلةٍ ريفيّة


راما عبد اللطيف من كتابي الأول

تم عمل هذا الموقع بواسطة