قصيدة فلسفية
"" العدم والوجود : متاهات الكينونة """"
الدكتور عبد الجبار شكري ( المغرب )
- عالم النفس وعالم الاجتماع
- شاعر وروائي
الحاصل على اربع دكتوراه =
1 - حاصل على دكتوراه في ((علم النفس بميزة مشرف جدا)) من جامعة بريطانيا كلية DIANA الدولية بمانشيستر/بريطانيا.
2 - حاصل على دكتوراه في ((علم الاجتماع بميزة مشرف جدا)) من جامعة محمد الخامس كلية الآداب والعلوم الانسانية بالرباط/المغرب.
3 - حاصل على دكتوراه في ((الفلسفة بميزة مشرف جدا)) من جامعة بريطانيا كلية SMART الدولية بلندن/بريطانيا.
4 - حاصل على دكتوراه فخرية في الادب العربي من الأكاديمية العربية للاداب.
----------------------------------------------
قصيدة فلسفية
"" العدم والوجود "
" متاهات الكينونة"
خرجت تائها في الفيافي والقفار...
انحرق بنيران الشمس المتوهجة...
واصعد الى أعالي الجبال الشامخة...
وابحر في امواج البحر الهائجة...
فعلت ذلك مثلما فعله...
فلاسفة اليونان الاوائل قبل سقراط...
عندما هاموا في فضاء الطبيعة...
يبحثون عن اصل الوجود...
من داخل العدم الموجود ...
في كل أرجاء الوجود...
وعي شقي ولد يواجه المجهول...
فصحت متسائلا من انا ؟
من اكون ؟
ماهي كينونتي في الوجود...
في زمان الوجود وفي مكان الوجود...
سؤال وسؤال طرحه كل انسان ...
منذ فجر التاريخ البشري ...
لكن الاسطورة والمعتقدات...
اضلت كل البشر...
بوهم اصل الوجود...
************************
لا اقول هنا كما قال نيتشه...
هكذا تكلم زرادشت....
ولن اقول هنا ماقاله هيجل ...
في الوجود ....
ولن اقول هنا ماقاله هايدغر ...
في الوجود والزمان...
ولن اقول هنا ما قاله سارتر...
في الوجود والعدم ...
اقول هنا شعرا ...
ينبع من انيتي وكينونتي...
لحظة بلحظة وجدت نفسي...
وجدت نفسي غارقا في البحث ...
عن عدمي و وجودي...
أنظم شعرا انطولوجيا...
ينبع من كينونتي...
وجدت نفسي اهيم بعقلي ...
واسير في صحاري كينونتي...
اقطف منها ورود انتعاشي...
لكن لا يصيبني منها الا الاشواك...
تؤلمني...في العدم...
الكل يتحدث على انني ...
كنت لا شيئا...في العدم ...
اتذكر ذات يوم عندما ...
كنت طفلا...
تحكي امي عن عدمي ...
قبل وجودي ...
تحكي عن فضاء عدمي ...
قبل ولادتي...حينها...
صرخت لحظة وجودي...
حين قذفتني أمي ...
من العدم إلى عبث الوجود...
بأنين العبث ألتوى...
وبمتهات الوجود اتحسر...
كنت اعيش في احلام العدم..
وأتخيل عوالم كائنات...
كنت أحن الى حضن امي...
هروبا من العدم ...
تحكي لي حكايات عن العدم ...
عن مغامرات السندباد..التي ظهرت من العدم
وعن كنوز العفاريت والجان...
التي خرجت من العدم...
الح عليها ان تحكي...
عن سيف ذو اليزن... الذي ولد من العدم ...
وعن حروب عنترة بن شداد...التي نشأت...
من العدم...
وأتوسلها ان تسرد لي...
قصص الف ليلة وليلة...
عن عدم الوجود في احداث الوجود...
في سكون الليل الخادع يترائ لي ...
عدم مظلم غارق في السواد...
يحكي لحظة عدم مطلق ...
قبل خلق الكون الواسع...
وفي نور القمر الوهاج...
يعكس أشعة عدم موجود في الوجود...
فكانت حكايات عن العدم والوجود...
تذكرني ببراءة الاطفال...
وحنان الام الملان...
الا ان كينونتي ضاعت...
في سراديب العدم الغير المعدوم...
وفي وجود معدوم...
لا اعي هويتي في ظل وجودي...
افتقد لعلامة تدلني ...
على العدم ومنه الى لحظة الوجود...
العدم يسبق الوجود ...
في المكان والزمان...
وفي الفكر والوجدان...
وفي السلوكات والافعال...
في العدم ماهية الوجود...
تنساب الاسئلة في وجداني...
بانفعال شديد ..من اكون ...
ومن ساكون في المستقبل...
في مستقبل مغمور بطلاسيم الوجود...
اسال وأسأل...لكن في متاهات الوجود...
دون جدوى...وجدوى...
*******************************
تواجه الآنية الغموض في العدم ...
وتغرقها في التأمل...
والتفكير في دهاليز الكينونة...
كيف أدرك وجودي من خلال عدمي...
وأوقع على بطاقة وجودي...
من خلال عدمي...
تبادرت اسىئلة اخرى الى ذهني...
في لحظة شروذ محير...
بين اليقين والشك...
هل الوجود منفصل عن العدم ...؟
هل هناك اللاوجود المطلق...؟
يشكل فراغا في المتافيزيقا ؟
وهل هناك وجود بدون عدم ؟
يشكل مادة خام من الهيولة...؟
لم توجد بعد في تشكلاتها وتمظهرها...
واكتشفت في سيرورة التأمل...
ان الوجود في الكوسموس هو...
في الشكل واللغوس اللاعبثي..
ان الوجود حاضر في الآنية...
عندما تحضر صفات الكينونة...
اما العدم فهو حاضر في الانية...
عندما تغيب صفات الكينونة...
**********************
ان عدم الوجود هو ايضا وجود...
لكنه وجود ضبابي ...
يضيء كبوصلة داخل الانية...
لكنه يغطي صفات الكينونة التائهة...
ان الوجود هو كل صفات الكينونة...
والعدم غياب لصفة من صفات الكينونة...
العدم هو غياب وغياب تعاقبي ...
غياب لصفات الكينونة ...
غياب الوعي وتبلده...
غياب الاحساس وجموده..
غياب الحرية في اتخاذ القرار ...
وغياب الإرادة في التنفيذ عند الاضطرار...
الشعور بالغياب...
يقود إلى الشعور بالعدم...
العدم هو فراغ في فراغ...
فراغ في الروح...
فراغ في المشاعر...
فراغ في الفكر...
مادمت اعيش في فراغ...
يعني اعيش في عدم...
العدم هو سيرورة...
يكتشفها الاحساس والوعي...
بغياب الصفات والخاصيات...
فتجلي وجود الآنية في الكينونة...
يكشف عن تجمع صفات الكينونة ..
في الانية...
والشعور بالعدم في الآنية...
هو تشتت صفات الكينونة...
تتأرجح كينونة الانية...
بين العدم والوجود ...
من خلال التشتت والتجمع ...
وهي بذلك بين العدم والوجود...
تقود الانية الى..
متاهات الكينونة...
فتفقد الآنية طعم وجودها...
وتهجر الابعاد والصفات في الوجود...
فيكتسح العدم وجود الآنية...
ويقصيها في كل غياب الصفة...
و يحضر العدم متوجها ومكتسحا...
وفي تكثل الابعاد والصفات...
يحضر الوجود بقوة ويلغي العدم...
تعشق صفات الكينونة..
العدم والوجود عند المغامرة...
وعندمواجهة الاخر...
تغرق في الغياب و الحضور...
انها متاهات الآنية...
في العدم والوجود...
*************************
في بعض لحظات وجود انيتي...
اشعر ..واشعر...
بوجود معدوم وبعدم موجود...
بعدم لا متناهي...
وبوجود لا متناهي...
يتناوبان في إقصاء ..
بعضهما البعض...
في سيرورة الزمن...
تظهر انيتي في الوجود ...
من العدم...
و من العدم تحضر كينونتي...
ان سلب صفة الآنية هو عدم لها...
وسلب كل صفات الكينونة ...
هو العدم المطلق للانية ....
لكن العدم واي عدم يحمل...
في جوهره وجود الآنية...
وفي الوجود الكلي تتشابك...
الكينونة مع كل عوالم الوجود..
-----------------------------------------
ان العدم في الكينونة...
يضلل الآنية في توجاهاتها ...
فهي تعلو على العالم...
في عيناته ...
لتصبح فيما وراء الوجود...
وتتخلى عن ابعاد عينات الواقع ...
السلب في صفات الكينونة...
يبحر في العدم فيما وراء الكون...
فتنهض الآنية من سباتها ولاوعيها...
لتتماهى مع كينونتها...
وتسعى لتجمع الصفات لتلغي العدم...
في سيرورة الزمان والمكان...
هنا يتداخل العدم والوجود...
في المتافزيقا الروحية....
***************************
في اللوحات المضللة للوجود...
يظهر العدم يتماهى مع السلب...
صراع الوجود يهيئ للسلب...
فيكون العدم ...
و في الوجود يتنحى السلب...
تقوم الكينونة تتحدث عن نفسها ...
بسعيها وسلوكاتها...
تقف الآنية وراء الوجود...
تراقب العدم المعطى في الوجود...
العدم في ذاته ليس خارج الوجود...
والعدم من اجل ذاته ملتصق بالوجود...
العدم لا يعني الاعدام...
اي لا وجود مطلق خال من تعبير ...
وانما العدم هو تفكك الصفات...
في سلسلة من الحلقات..
كل صفة تنفصل عن الاخرى...
في تعاقب تعويضي...
يحدث انفصالا مؤقتا متأزما...
تدرك الآنية بما هي...
تحمل العدم في وجودها...
في لحظة انعدام صفات الكينونة...
العدم ليس نقطة فراغ...
مطلقة في الوجود...
العدم في الآنية هو لحظات انفصال...
صفات الكينونة ،عن بعضها البعض....
فان كنت اعيش لحظة سعادتي..
فهي تكون منفصلة عن لحظة تعاستي..
ومن تلك اللحظات تكون كينونة انيتي...
منعدمة في الوجود...
*************************
بقي عقلي تائها في متاهات انيتي...
يبحث عن الوجود من خلال العدم...
في الماضي السحيق...
فوجدت الاسطورة...
تسرد حكاية عن كينونتي...
من العدم إلى الوجود ...
جسدتها أسطورة سيزيف...
واحداث ملاحم الأوديسا والالياذة ...
ظهرت لي ثلاث عناصر في الوجود...
الألهة والطبيعة والانسان...
لكل منها يعشق السطوة والسيادة...
واقصاء للاخر من سيرورة الوجود...
ما السبيل للخروج من العدم الى الوجود...
الا بقانون الغاب...
في الحرب والقتال...
------------------------------------------
وبقيت ابحث وابحث...
في ظلام الوجود عن ...
بريق كينونتي..
بحثت عن كينونتي في الفسلفة...
فوجدتها نشات مع ...
سقراط وافلاطون وارسطو...
وتجسدت مع فلاسفة الاسلام...
ووصلت إلى قمة الوعي الانطلوجي...
مع فلاسفة الغرب...
مع ديكارت ليبنتز وكانط...
لكن في فلسفة هيجل...
وجدت العدم والوجود يتغنيان...
في كينونتي بالصراع...
وتناوب السطوة على العدم والوجود...
في جدلية السيد والعبد ...
بسمفونية هذه الكينونة...
ظهرت كينونتان معدومتان....
لا زالت الآنية لا تنتمي لأي منهما...
كينونة معدومة عاشقة للحرية...
تريد ان تنبث في الوجود...
كنبتة في صحراء قاحلة...
تضحي بالحياة وتستمر في القتال...
من اجل الحرية والسيادة...
وكينونة معدومة عاشقة للحياة...
ترجع القهقرى...
وتتقاعص عن القتال...
تريد ان تفرض وجودها ...
من وراء ستار عبودية الحياة ....
يتحول عشق الحرية الى...
وجود و سيادة...
ويتحول عشق الحياة الى...
الى عدم و عبودية...
بهذا القانون الانطلوجي...
تظهر كينونتان متناقضاتان ...
كينونة معدومة هي العبد ...
وكينونة موجودة هي السيد...
ويستمر الوجود بهاذين المتناقضين...
كينونة السيد المنتصر...
وكينونة العبد المنهزم .
سيد لا يرغب في الحياة...
يستمر في المعركة و ينتصر ...
وعبد يتشبت بالحياة فينهزم ...
---------------------------------------------
لكن بقي الوجود في سيرورة الزمن...
وتعاقب وتأزم الأحداث...
يوقظ العدم من سباته العميق...
انها الكينونة البشرية التي توقظ...
الانية من عبوديتها الصماء ...
وتذكرها بكينونتها الغارقة في النسيان...
انها الوعي والحرية والإرادة...
التي غطاهم الاستعباد باستمرار ...
وهكذا تندفع الانية المعدومة...
الى التحرر المستميت من الاستعباد...
في ظل هذا الاستعباد المتواصل...
تختفي الكينونة الانسانية للعبد ...
دون ان تختفي انيته...
لكنها لا تنعدم من صفاتها البشرية ...
يبقي العقل يفكر.. .
وتبقى الارادة قائمة...
وتناضل الحرية من اجل التجسد..
يعي العبد انه يفكر...
وتفكيره يدرك انه موجود ...
ومادام هو موجود يحس بارادته...
ويكتشف العبد في وجوده ...
قوة كينونته في حاجة السيد له...
ويكمن جبروت كينونته ...
في امتلاكه لمهارات الشغل ...
التي لا يمتلكها السيد لانه لا يشتغل ...
بهذا الوعي الشقي...
يثور العبد على السيد ...
فيحيي العبد كينونته الانسانية ...
فيتخلص من الاسم المدان ...
ويتحول بدوره عبر سيرورة التاريخ...
سيد نفسه وسيد ارادته وحريته...
---------------------------------------------
خرجت ابحث عن كينونتي ...
في الوجود...
بحثت عنها عند السياسي ...
فوجدتها مجرد صفة...
ملتصقة بالانية في لحظة العدم...
وبحثت عنها عند الكاهن...
فوجدتها مجرد طلاسيم...
تخبر عن العدم والمعدوم...
وبقيت ابحث وابحث ...
ولم اجدها في العدم اوالوجود...
وجدتها فقط في ذاتي...
وجدتها في عقلي..
ووجدتها في ارادتي الحرة...
وجدت كينونتي ايها الناس...
في حريتي...
يحكيها اللغوس...
بنعمة العقل والمنطق...
لم يكن طاليس...
ولا اناكسيمس...
ولا اناكسيمندر...
ولا هرقليطس...
يعبثون عندما تجاوزوا...
الاسطورة واحتكموا الى...
منطق العقل...فاكتشفوا...
كينونتهم بالتامل في ...
النظام القائم في الكوسموس...
واكتشفوا انه في عبثية الوجود...
تبقى كينونتي قائمة...
------------------------------------------
في وجودي اكتشفت سر بقائي...
في الادراك والتأمل...
كشفت عن قوانين وجودي.. .
بها ادركت كنه انسانيتي...
وكينونتها المقدسة السرمدية...
في العقل والاراة والحرية ...
كل من استعبد الانية...
لن يستطع ان يستعبد الكينونة...
فكان العقل يفكر باستمرار ...
وكانت الاراة تتخذ القرار...
ولو في غياب القرار...
المؤقت للحرية ...
وهكذا تندفع الانية من العدم...
الى التحرر المستميت من اجل الوجود..
فكان العقل يفكر باستمرار ...
لا ينام ولايتوقف...
وكانت الاراة تتخذ القرار...
لاتكل ولا تتعب...
في كينوني عشق للحرية ...
وفي حريتي عشق للتامل والتفكير...
الدار البيضاء الاحد 8 يوليوز 2021
الدكتور عبد الجبار شكري ( المغرب)
عالم النفس وعالم الاجتماع
الشاعر والروائي